للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢. منزلة الإخلاص وفضله]

للإخلاص منزلةٌ عالية في الشرع، وجاءت الآيات والأحاديث والآثار بالحث عليه والترغيب فيه وبيان فضله، فهو للعمل بمنزلة الأساس للبنيان، وبمنزلة الروح للجسد، فكما أنه لا يستقر البناء ولا يتمكن من الانتفاع منه إلا بتقوية أساسه وتعاهده من أن يعتريه خلل فكذلك العمل بدون الإخلاص، وكما أن حياة البدن بالروح فحياة العمل وتحصيل ثمراته بمصاحبته وملازمته للإخلاص، وقد أوضح الله ذلك في كتابه العزيز فقال: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: ١٠٩]، ولما كانت أعمال الكفار التي عملوها عارية من توحيد الله وإخلاص العمل له سبحانه جعل وجودها كعدمها فقال: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: ٢٣] (١).

وقد ذكر الشيخ تقي الدين - رحمه الله -: "أن الحسنة تعظم ويكثرت ثوابها بزيادة الإيمان والإخلاص حتى تقابل جميع الذنوب" (٢).

ومن ثمرات الإخلاص: أنه يحرر العبد من عبودية غير الله فيكون عمله كله لله فينصرف عن كل مراد لنفسه أو للشيطان ويصبح همُّه إرضاء ربه.

قال ابن تيمية: "وإذا كان العبد مخلصًا لله اجتباه ربه فأحيا قلبه واجتذبه إليه فينصرف عنه ما يضاد ذلك من السوء والفحشاء، ويخاف من ضد ذلك، بخلاف القلب الذي لم يخلص لله فإن فيه طلبًا وإرادة وحبًا مطلقًا فيهوى ما يسنح له ويتشبث بما يهواه، كالغصن أي نسيم مر بعطفه أماله.


(١) انظر كتاب الإخلاص والإحسان، للشيخ عبد المحسن العباد، ص ٣ - ٤.
(٢) الآداب الشرعية ١/ ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>