للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الإحجام، ويدخل فيه النظر في المصحف لذلك ولا يخفى أن ذلك من أنواع الاستقسام بالأزلام. أما ما يعرض من غير اكتساب كأن يسمع قائلًا يقول: يا مفلح؛ فليس من هذا القبيل كما جاءت به الأحاديث الصحيحة" (١).

وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: "وبعض الناس قد يفتح المصحف لطلب التفاؤل، فإذا نظر ذكر النار تشاءم، وإذا نظر ذكر الجنة قال: هذا فأل طيب فهذا مثل عمل الجاهلية الذين يستقسمون بالأزلام" (٢).

[٥ - مسألة]

حديث بريدة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث عاملًا سأل عن اسمه فإذا أعجبه اسمه فرح به ورُئِيَ بِشرُ ذلك في وجهه، وإن كره اسمه رُئي كراهية ذلك في وجهه، وإذا دخل قرية سأل عن اسمها فإن أعجبه اسمها فرح بها، ورُئِيَ بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمها رُئي كراهية ذلك في وجهه" (٣).

هذا الحديث يدل على الفأل الحسن ولا يدل على التشاؤم ولابد أن يعلم أن هناك ارتباطًا بين الاسم والمسمى كما قال ابن القيم: "اعلم أن بين الأسماء ومسمياتها ارتباط قدره العزيز القادر وألهمه نفوس العباد، وجعله في قلوبهم بحيث لا تنصرف عنهم وليس هذا الارتباط هو ارتباط العلة بمعلولها، ولا ارتباط المقتضى الموجب لمقتضاه وموجبه، بل ارتباط تناسب وتشاكل اقتضته حكمة الحكيم، فقل أن ترى اسمًا قبيحًا إلا وبين مسماه وبينه رابط من القبح، وكذلك إذا تأملت الاسم الثقيل الذي تنفر عنه الأسماع وتنبو عنه الطباع، فإنك تجد مسماه يقارب أو يُلم أن يطابق ولهذا من المشهور على ألسنة الناس أن الألقاب تنزل من


(١) أضواء البيان ٤/ ٤٩٣.
(٢) مجموع الفتاوى لابن عثيمين ٩/ ٥٦٧. وانظر: القول المفيد لابن عثيمين ٢/ ٨٦.
(٣) أخرجه أبو داود (٣٩٢٠)، والإمام أحمد (٢٣٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>