للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السماء فلا تكاد تجد الاسم الشنيع القبيح إلا على مسمى يناسبه .. والمقصود أن هذه المناسبة تنضم إلى ما جعل الله في طبائع الناس وغرائزهم من النفرة من الاسم القبيح المكروه وكراهته وتطير أكثرهم به، وذلك يوجب عدم ملابسته ومجاوزته إلى غيره، فهذا أصل هذا الباب" (١).

وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بعثتم إليَّ بريدًا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم" (٢).

وما روي عن يحيى بن سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للِقحةٍ تُحلب: "من يحلب هذه؟ " فقام رجل: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما اسمك؟ " فقال: مرة. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اجلس" ثم قال: من يحلب هذه؟ فقام رجل فقال: ما اسمك؟ فقال الرجل: حرب. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: اجلس. ثم قال: "من يحلب هذه؟ " فقام رجل فقال له: "ما اسمك؟ " قال: يعيش. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يعيش يحلب الناقة" (٣). زاد ابن وهب في جامعه في هذا الحديث: "فقام عمر بن الخطاب فقال: أتكلم يا رسول الله أم أصمت؟ قال: بل اصمت. وأخبرك بما أردت، ظننت يا عمر أنها طيرة، ولا طير إلا طيره، ولا خير إلا خيره، ولكن أحب الفأل" (٤).

فزيادة ابن وهب في جامعه دلت على أن هذا ليس من التطير وإنما تفاؤلًا وسبب ذلك - والله أعلم - أنه يمكن أن يكون هذا منه - صلى الله عليه وسلم - على سبيل التأديب لأمته، لئلا يتسموا بالأسماء القبيحة، وليبادر من أسلم منهم وله اسم قبيح إلى إبداله بغيره من غير إيجاب له ولا إلزام والنفوس السليمة والفطر السليمة تنفر من الاسم القبيح (٥).


(١) باختصار من مفتاح دار السعادة ٢/ ٢٣٦.
(٢) كنز العمال (١٤٧٧٧)، وأخرجه البزار وقال الحافظ: صحيح. وكذا قال الهيثمي في الزوائد. وانظر: السسلة الصحيحة ١١٨٦.
(٣) مجمع الزوائد للهيثمي ٨/ ٤٧، وابن عبد البر في التمهيد ٢٤/ ٧١ وقال الهيثمي: إسناده حسن.
(٤) مفتاح دار السعادة ٣/ ٣١٦.
(٥) مفتاح دار السعادة ٢/ ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>