للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قل ابن القيم - رحمه الله -: "حقيقة الشرك: هو التشبه بالخالق والتشبيه للمخلوق به، هذا هو التشبيه في الحقيقة، لا إثبات صفات الكمال التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فعكس من نكس الله قلبه، وأعمى عين بصيرته، وأركسه بكسبه، وجعل التوحيد تشبيهًا، والتشبيه تعظيما وطاعة: فالمشرك مشبه للمخلوق بالخالق في خصائص الإلهية.

فإن من خصائص الإلهية التفرد بملك الضر والنفع والعطاء والمنع، وذلك يوجب تعليق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل به وحده، فمن علق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق، وجعل ما لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا - فضلا عن غيره - شبيها لمن له الأمر كله، فأزِمَّة الأمور كلها بيديه، ومرجعها إليه، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، بل إذا فتح لعبده باب رحمته لم يمسكها أحد، وإن أمسكها عنه لم يرسلها إليه أحد. فمن أقبح التشبيه: تشبيه هذا العاجز الفقير بالذات بالقادر الغني بالذات" (١).

قال الشيخ السعدي: - رحمه الله - "حقيقة الشرك بالله أن يُعبد المخلوق كما يعبد الله، أو يُعظّم كما يُعظّم الله، أو يُصرف له نوع من خصائص الربوبية والألوهية" (٢).

*الدليل من الكتاب: قال الله تعالى {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٩٧ - ٩٨]، وقوله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: ١].

[فوائد ومسائل]

١ - فائدة: قرر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب أن أعظم ما نهى الله عنه الشرك وأعظم ما أوجبه التوحيد (٣).


(١) الجواب الكافي ١٤١.
(٢) تفسير كلام المنان ٢/ ٤٩٩.
(٣) شرح ثلاثة الأصول لابن عثيمين، من مجموع فتاوى ابن عثيمين ٦/ ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>