للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجملتان يؤكد بعضهما بعضا من باب التوكيد اللفظي.

وقوله: شرك أي: إنها من أنواع الشرك، وليست الشرك كله وإلا لقال: الطيرة الشرك.

وهل المراد بالشرك هنا الشرك الأكبر المخرج من الملة، أو أنها نوع من أنواع الشرك؟ نقول هي نوع من أنواع الشرك كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اثنتان في الناس هما بهم كفر". أي ليس الكفر المخرج عن الملة وإلا لقال: هما بهم الكفر. بل هما نوع من الكفر.

لكن في ترك الصلاة قال: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة". فقال: "الكفر"، فيجب أن نعرف الفرق بين "ألـ" المعرفة أو الدالة على الاستغراق، وبين خلو اللفظ منها، فإذا قيل: هذا كفر؛ فالمراد أنه نوع من الكفر لا يخرج من الملة، وإذا قيل: هذا الكفر فهو المخرج من الملة.

فإذا تطير إنسان بشيء رآه أو سمعه لا يعد مشركا شركا يخرجه من الملة لكنه أشرك من حيث إنه اعتمد على هذا السبب الذي لم يجعله الله سببا، وهذا يضعف التوكل على الله ويوهن العزيمة، وبذلك يعتبر شركا من هذه الناحية والقاعدة: "إن كل إنسان اعتمد على سبب لم يجعله الشرع سببا فإنه مشرك شركا أصغر" (١).

[٢ - كفارة الطيرة]

من تطير الطيرة المنهي عنها فردته عن حاجته فإن كفارته أن يقول الدعاء الوارد في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد: "من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك، قالوا: يا رسول الله، ما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير لا طيرك، ولا إله غيرك" (٢).

قال ابن حجر: "وأخرج البيهقي في الشعب من حديث عبد الله بن عمرو


(١) مجموع الفتاوى لابن عثيمين ٩/ ٥٧٤، ٥٧٥، وانظر القول المفيد ط ١ - ٢/ ٩٣.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>