للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك المفارقة بسبب نية صالحة كالفرار من دار الكفر والخروج في طلب العلم، والفرار من الفتن والنية في جميع ذلك معتبرة" (١).

٤ - فائدة:

قال في النهاية: "والهجرة هجرتان:

إحداهما: التي وعد الله عليها الجنة في قوله: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: ١١١]، فكان الرجل يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدع أهله وماله لا يرجع في شيء منه، وينقطع بنفسه إلى مهاجره، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره أن يموت الرجل بالأرض التي هاجر منها فمن ثم قال "لكن البائس سعد بن خولة" يرثى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن مات بمكة، وقال حين قدم مكة: "اللهم لا تجعل منايانا بها" فلما فتحت مكة صارت دار إسلام كالمدينة وانقطعت الهجرة.

والهجرة الثانية: من هاجر من الأعراب وغزا مع المسلمين ولم يفعل كما فعل أصحاب الهجرة الأولى فهو مهاجر وليس بداخل في فضل من هاجر تلك الهجرة، وهو المراد بقوله "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة" فهذا وجه الجمع بين الحديثين. وإذا أطلق في الحديث ذكر الهجرتين فإنما يراد بهما هجرة الحبشة وهجرة المدينة، ومنه الحديث "ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم" المهاجَر - بفتح الجيم - موضع المهاجرة ويريد به الشام؛ لأن إبراهيم عليه السلام لما خرج من أرض العراق مضى إلى الشام وأقام به" (٢).


(١) سبل السلام ٤/ ٤٣.
(٢) النهاية (هـ ج ر).

<<  <  ج: ص:  >  >>