للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجمهور ... وذهب الأقل إلى أنها لا تجب الهجرة، وأن الأحاديث منسوخة لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية" متفق عليه.

قالوا فإنه عام ناسخ لوجوب الهجرة الدال عليه ما سبق وبأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمر من أسلم من العرب بالمهاجرة إليه، ولم ينكر عليهم مقامهم ببلدهم، ولأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا بعث سرية قال لأميرهم: "إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال، فأيتهن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول عن دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم، أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله تعالى الذي يجري على المؤمنين" الحديث ... فلم يوجب عليهم الهجرة، والأحاديث غير حديث ابن عباس محمولة على من لا يأمن على دينه.

قالوا: وفي هذا جمع بين الأحاديث، وأجاب من أوجب الهجرة بأن حديث "لا هجرة" يراد به نفيها عن مكة كما يدل له قوله "بعد الفتح" فإن الهجرة كانت واجبة من مكة قبله.

وقال ابن العربي: الهجرة هي الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكانت فرضًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واستمرت بعده لمن خاف على نفسه والتي انقطعت بالأصالة هي القصد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث كان.

وقوله: "ولكن جهاد ونية" قال الطيبي وغيره: هذا الاستدراك يقتضي مخالفة حكم ما بعده لما قبله، والمعنى: أن الهجرة التي هي مفارقة للوطن التي كانت مطلوبة على الأعيان إلى المدينة قد انقطعت، إلا أن المفارقة بسبب الجهاد باقية،

<<  <  ج: ص:  >  >>