للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولكن قال الإمام أحمد بن حنبل واختاره أكثر أصحابه وقطع به أبو العباس ابن تيمية أنه لا بأس بصيد الليل. فقيل له: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقرُّوا الطير على مكاناتها". فقال: هذا كان أحدهم يريد الأمر فيُثير الطير، يتفاءل إن كان عن يمينه قال كذا، وإن كان عن يساره قال كذا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقرُّوا الطيرَ على مكاناتها" يشير إلى أن الحديث ... وروده في التفاؤل؛ لأنَّ العربَ كان من عادتها التفاؤل بطيران الطير، إن طار على اليمين فهو خير، وإن طار على اليسار فهو شر" (١).

[٥ - كيف يدفع الإنسان الطيرة]

يكون ذلك بالأسباب التالية:

١ - الاعتماد على الله والإخلاص له في العبادة والعلم الجازم أن كل شيء بتقدير الله فما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.

٢ - ذكر الأدعية الواردة لدفع الطيرة إذا خطرت في نفس المسلم وهي: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك.

٣ - المضي فيما قصد إليه، وعدم التأثر بما تطير به، بل يرفض الطيرة رفضا تاما ويتوكل على الله، ولا يفتح على نفسه باب الخوف.

يوضح ذلك ما رواه مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي أنه قال: ومنا رجال يتطيرون قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم" (٢) قال النووي: "وفي رواية: "فلا يصدنكم" قال العلماء معناه أن الطيرة شيء تجدونه في نفوسكم ضرورة ولا عتب عليكم في ذلك فإنه غير مكتسب لكم فلا تكليف به ولكن لا تمتنعوا بسببه من التصرف في أموركم فهذا هو الذي تقدرون عليه وهو مكتسب


(١) تأييد الإنكار لإتيان الطيور ونحوها في الأوكار ص ١٩، ٢٠، تأليف شمس الدين محمد بن علي بن طولون الصالحي.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>