للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السابع: أن المحتج بالقدر على ما تركه من الواجبات أو فعله من المعاصي لو اعتدى عليه شخص فأخذ ماله أو انتهك حرمته ثم احتج بالقدر، وقال: لا تلمني فإن اعتدائي كان بقدر الله، لم يقبل حجته. فكيف لا يقبل الاحتجاج بالقدر في اعتداء غيره عليه ويحتج به لنفسه في اعتدائه على حق الله تعالى؟!

ويذكر أن - أمير المؤمنين - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رفع إليه سارق استحق القطع، فأمر بقطع يده فقال: مهلًا يا أمير المؤمنين، فإنما سرقت بقدر الله. فقال عمر: ونحن إنما نقطع بقدر الله" (١).

[٧ - حكم الاحتجاج بالقدر عند المصائب]

روى مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "احتج آدم وموسى فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فحج آدم موسى، فحج آدم موسى" (٢).

فالاحتجاج بالقدر على المصيبة جائز فإن آدم عليه السلام احتج بالقدر على المصيبة وهي الخروج من الجنة، وقد حاجه موسى عليه السلام بذلك حيث قال: "لماذا أخرجتنا من الجنة"؟ فكانت الحجة لآدم على موسى. والله سبحانه وتعالى قد كتب أن آدم وذريته يعيشون في الأرض وقد خلقهم لذلك كما أخبر تعالى بقوله: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٣٠].

فكانت الحجة لآدم على موسى ولم تكن محاجة موسى لآدم عليهما السلام على


(١) شرح ثلاثة الأصول من مجموع فتاوى ابن عثيمين ٦/ ١١٢.
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٠٩) (٤٧٣٦) (٤٧٣٨) (٦٦١٤) (٧٥١٥)، ومسلم (٢٦٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>