للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهو أن يقال ليست كل بدعة ضلالة فإن هذا إلى مشاقة الرسول أقرب منه إلى التأويل؛ بل الذي يقال فيما يثبت به حسن الأعمال التي قد يقال هي بدعة إن هذا العمل المعين مثلًا ليس ببدعة فلا يندرج في الحديث أو إن اندرج لكنه مستثنى من هذا العموم لدليل كذا وكذا الذي هو أقوم من العموم مع أن الجواب الأول أجود، وهذا الجواب فيه نظر، فإن قصد التعميم المحيط ظاهر من نص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذه الكلمة الجامعة فلا عدل عن مقصوده بأبي هو وأمي -صلى الله عليه وسلم-" (١).

وقال ابن رجب: "وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية فمن ذلك قول عمر -رضي الله عنه- لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد وخرج ورآهم يصلون كذلك فقال: نعمت البدعة هذه. ورُوي عنه أنه قال: إن كانت هذه بدعة فنعمت البدعة، وروي عن أبي بن كعب قال له إن هذا لم يكن. فقال عمر: قد علمت ولكنه حسن. ومراده أن هذا الفعل لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت ولكن له أصل في الشريعة يرجع إليها، فمنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحث على قيام رمضان ويرغب فيه وكان الناس في زمنه يقومون في المسجد جماعات متفرقة ووحدانًا وهو -صلى الله عليه وسلم- صلى بأصحابه في رمضان" (٢).

[٣ - أسباب ذم البدع]

قال الشاطبي: "لا خفاء أن البدع من حيث تصورها يعلم العاقل ذمها لأن اتباعها خروج عن الصراط المستقيم ورمى في عماية. وبيان ذلك من جهة النظر، والنقل الشرعي العام. أما النظر فمن وجوه:

أحدهما: أنه قد علم بالتجارب والخبرة السارية في العالم من أول الدنيا إلى اليوم


(١) اقتضاء الصراط المستقيم ٢/ ٥٨٧، ٥٨٨.
(٢) جامع العلوم والحكم ٢/ ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>