للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قول أو غيره فشهادته ماضيةٌ لا تردُّ من خطأ تأويله، وذلك أنه قد يستحل من خالفه الخطأ إلا أن يكون منهم من يعرف باستحلال الشهادة بالزور.

والمستحل لنكاح المتعة والمفتي بها، والعامل بها ممن لا ترد شهادته وكذلك لو كان موسرًا فنكح أَمَةً مستحلًا لنكاحها مسلمة أو مشركة لأنا نجد من مفتي الناس وأعلامهم من يستحل هذا، وهكذا المستحل للدينار بالدينارين، والدرهم بالدرهمين يدًا بيد، والعامل به، لأنا نجد من أعلام الناس من يفتي به ويعمل به ويرويه وكذا المستحل لإتيان النساء في أدبارهن، فهذا كله عندنا مكروه محرم، وإن خالفنا الناس فيها فرَغبنا عن قولهم ولم يَدْعُنا هذا إلى أن نجرحهم ونقول لهم: إنكم حللتم ما حرم الله وأخطأتم؛ لأنهم يدَّعون علينا الخطأ كما ندعيه عليهم وينسبون من قال قولنا إلى أنه حَرَّم ما أحل الله عزَّ وجلَّ" (١).

فالتحليل والتحريم من اختصاص الله تعالى لا يكون لأحد سواه وليس المراد هنا المسائل الاجتهادية التي يخطئ فيها العالم ويصيب ولكن المراد استحلال أمر معلوم تحريمه من الدين بالضرورة.

والجحد يعتبر من أنواع الكفر وليس نوعًا مستقلًا بذاته، ومن اشترط الجحد والاستحلال فقد حصر الكفر في نوع واحد بينما أنواع الكفر كثيرة. قال ابن تيمية: "والكفر لا يختص بالتكذيب" (٢)، فكل مستحل أو جاحد كافر وليس كل كافر مستحل أو جاحد وبهذا نعلم أن بعض الأعمال يكفر المكلف بفعلها ولو لم يستحل، مثل إهانة المصحف والسجود لغير الله.

[أقوال للعلماء تتعلق بكفر الاستحلال]

قال ابن قدامة: "ومن اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه، وظهر حكمه بين


(١) الأم ٦/ ٢٠٥ - ٢٠٦.
(٢) ٧/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>