للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأجاز ربا الفضل، وقال: أنا أعتقد أن ربا الفضل حلال فلا تكفير في حقه لأنه لا يريد الربا المجمع على تحريمه، بل ولا يجوز تأثيمهم بأنهم تبلغيهم لعنة آكل الربا، يقول شيخ الإسلام رَحِمَه الله: "ثم إن الذين بلغهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الربا في النسيئة" فاستحلوا بيع الصاعين بالصاع يدًا بيد: مثل ابن عباس - رضي الله عنهما - وأصحابه أبي الشعثاء وعطاء وطاوس وسعيد بن جبير وعكرمة وغيرهم من أعيان المكيين الذين هم من صفوة الأمة علمًا وعملًا، لا يحل لمسلم أن يعتقد أن أحدًا منهم بعينه أو من قلده بحيث يجوز تقليده: تبلغهم لعنة آكل الربا؛ لأنه فعلوا ذلك متأولين تأويلًا سائغًا في الجملة" (١).

فهناك معاصي يكون منها ما هو مجمع على تحريمها، وبعض صورها غير مجمع على تحريمها، كبعض صور الربا والخمر فليس كل أحوالها مجمع على تحريمها.

قال الإمام الشافعي رَحِمَه الله: "ذهب الناس من تأويل القرآن الأحاديث أو من ذهب منهم إلى أمور اختلفوا فيها فتباينوا فيها تباينًا شديدًا، واستحل فيها بعضهم من بعض ما تطول حكايته، وكان ذلك منهم متقادمًا، منه ما كان في عهد السلف وبعدهم إلى اليوم فلم نعلم أن أحدًا من سلف هذه الأمة يقتدى به ولا من التابعين بعدهم رد شهادة أحدٍ بتأويل وإن خطّأه وضلّله ورآه استحل فيه ما حرم عليه، ولا رد شهادة أحدٍ بشيءٍ من التأويل كان له وجهٌ يحتمله، وإن بلغ فيه استحلال الدم والمال أو المفرط من القول، وذلك أنا وجدنا الدماء أعظم ما يعصى تعالى بها بعد الشرك، ووجدنا متأولين يستحلونها بوجوه، وقد رغب نظراؤهم عنها وخالفوهم فيها، ولم يردوا شهادتهم بما رأوا من خلافهم فكل مستحلٍّ بتأويل من


(١) مجموع الفتاوى ٢٠/ ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>