للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات: ٣٥] وقال تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [لأنعام:٣٣] " (١).

وفي تفسير آية الصافات يقول عزَّ وجلَّ: {إِنَّهُمْ كَانُوا} أي: في الدار الدنيا {إِذَا قِيلَ لَهُمْ} بطريق الدعوة والتلقين {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} عن القبول يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون يستكبرون عن كلمة التوحيد ويمتنعون منها (٢) فهم لا يقبلونها كما قبلها المؤمنون الموحدون، ولم ينقادوا لما دلت عليه من أداء حقوقها، ويدخل في ذلك حالة عُبّاد القبور كما هو مشاهد اليوم، فإنهم يقولون (لا إله إلا الله) ومع ذلك لا يتركون عبادة القبور والذبح لها، فهم وإن تلفظوا بالشهادة إلا أنهم غير قابلين لها وغير ملتزمين بما دعت له.

* الفرق بين الانقياد والقبول:

قال الشيخ عبد الله بن جبرين في الفرق بينهما: "أن الانقياد هو الاتباع بالأفعال، والقبول إظهار صحة معنى ذلك بالقول، ويلزم منهما جميعا الاتباع، ولكن الانقياد هو الاستسلام والإذعان، وعدم التعقب لشيء من أحكام الله". ثم ذكر - حفظه الله - الأدلة على الانقياد من القرآن فقال: "فهذا هو الانقياد لله تعالى بعبادته وحده، فأما الانقياد للنبي - صلى الله عليه وسلم - بقبول سنته، واتباع ما جاء به والرضى بحكمه، فقد ذكره الله تعالى بقوله: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٥٦] فاشترط في صحة إيمانهم أن يسلموا تسليمًا لحكمه، أي ينقادوا ويذعنوا لما جاء به من ربه. وقد يكون القبول بالقلب والانقياد بالقلب والجوارح فلا انقياد إلا بالقبول. وقد


(١) الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما للشيخ ابن جبرين ص ٨٠، ٨١.
(٢) ينظر فيما سبق تفسير البغوي ٧/ ٣٩، وتفسير ابن كثير ٧/ ١١، وروح المعاني ١٢/ ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>