للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال قتادة: "من كانت الدنيا همه ونيته وطُلبته جازاه الله بحسناته في الدنيا ثم يفضي إلى الآخرة وليس له حسنة يُعطى بها جزاء. وأما المؤمن فيجازى بحسناته في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة" (١).

* حكم إرادة الإنسان بعمله الصالح الدنيا:

قال ابن سعدي - رحمه الله -: "وأما العمل لأجل الدنيا وتحصيل أغراضها فإن كانت إرادة العبد كلها لهذا القصد ولم يكن له إرادة لوجه الله والدار الآخرة فهذا ليس له في الآخرة من نصيب، وهذا العمل على هذا الوصف لا يصدر من مؤمن فإن المؤمن ولو كان ضعيف الإيمان لا بد أن يريد الله والدار الآخرة.

وأما من عمل العمل لوجه الله ولأجل الدنيا والقصدان متساويان أو متقاربان فهذا وإن كان مؤمنًا فإنه ناقص الإيمان والتوحيد والإخلاص وعمله ناقص لفقدان كمال الإخلاص.

وأما من عمل لله وحده وأخلص في عمله إخلاصًا تامًا ولكنه يأخذ على عمله جُعْلًا معلومًا يستعين به على العمل والدين كالجعالات التي تجعل على أعمال الخير، وكالمجاهد الذي يترتب على جهاده غنيمة أو رزق، وكالأوقاف التي تجعل على المساجد والمدارس والوظائف الدينية لمن يقوم بها فهذا لا يضر أخذه في إيمان العبد وتوحيده؛ لكونه لم يرد بعمله الدنيا وإنما أراد الدين وقصد أن يكون ما حصل له مُعينًا على قيام الدين؛ ولهذا جعل الله في الأموال الشرعية كالزكوات وأموال الفيء وغيرها جزءًا كبيرًا لمن يقوم بالوظائف الدينية والدنيوية النافعة كما قد عرف تفاصيل ذلك، فهذا التفصيل يُبَيِّنُ لك حكم هذه المسألة كبيرة الشأن، ويوجب لك أن تنزل الأمور منازلها والله أعلم" (٢).


(١) ابن كثير ٢/ ٣٧٩.
(٢) القول السديد ص ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>