للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وهذه الدرجة من القدر يكذب بها عامة القدرية الذين سماهم النبي - صلى الله عليه وسلم - مجوس هذه الأمة ويغلو فيها قوم من أهل الإثبات حتى سلبوا العبد قدرته واختياره ويخرجون عن أفعال الله وأحكامه حكمها ومصالحها" (١).

وقال ابن رجب: "والإيمان بالقدر على درجتين:

أحدهما: الإيمان بأن الله تعالى سبق علمه ما يعلمه العباد من خير وشر، وطاعة ومعصية قبل خلقهم وإيجادهم، ومن هو منهم من أهل الجنة، ومن هو منهم من أهل النار، وأعد لهم الثواب والعقاب جزاء لأعمالهم قبل خلقهم وتكوينهم.

وأنه كتب ذلك عنده وأحصاه، وأن أعمال العباد تجري على ما سبق في علمه وكتابه.

الثانية: أن الله خلق أفعال العباد كلها من الكفر والإيمان والطاعة والعصيان، وشاءها منهم.

فهذه الدرجة التي يثبتها أهل السنة والجماعة وتنكرها القدرية، والدرجة الأولى أثبتها كثير من القدرية ونفاها غلاتهم كمعبد الجهني الذي سئل ابن عمر عن مقالته، وكعمرو بن عبيد وغيره. . ." (٢).

٢ - مسألة:

فإن قلت: كيف؟ قال: "وتؤمن بالقدر خيره وشره" وقد قال في الحديث: "والشر ليس إليك"؟ فالجواب عن هذا أن إثبات الشر في القضاء والقدر إنما هو بالإضافة إلى العبد، والمفعولُ إن كان مقدرًا عليه فهو بسبب جهله وظلمه وذنوبه لا إلى الخالق فله في ذلك من الحكم ما تقصر عنه أفهام البشر لأن الشر إنما هو بالذنوب وعقوباتها في الدنيا والآخرة، فهو شر بالإضافة إلى العبد، أما بالإضافة إلى الرب سبحانه وتعالى


(١) العقيدة الواسطية ٣٥ - ٣٨.
(٢) جامع العلوم والحكم ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>