للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤ - بين المحبة والعبادة]

قال ابن تيمية رحمه الله: "والعبادة تجمع كمال المحبة، وكمال الذل، فالعابد محب خاضع، بخلاف من يحب من لا يخضع له، بل يحبه ليتوسل به إلى محبوب آخر، وبخلاف من يخضع لمن لا يحبه كما يخضع للظالم، فإن كلا من هذين ليس عبادة محضة، وإن كل محبوب لغير الله ومعظم لغير الله ففيه شوب من العبادة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار ... " (١).

وقال السعدي رحمه الله: "أصل التوحيد وروحه إخلاص المحبة لله وحده وهي أصل التأله والتعبد له، بل هي حقيقة العبادة، ولا يتم التوحيد حتى تكمل محبة العبد لربه .... ومن تفريعها وتكميلها الحب في الله، فيحب العبد ما يحبه الله من الأعمال والأشخاص، ويبغض ما يبغضه الله من الأشخاص والأعمال، ويوالي أولياءه، ويعادي أعداءه، وبذلك يكمل إيمان العبد وتوحيده. أما اتخاذ الأنداد من الخلق يحبهم كحب الله، فيقدم طاعتهم على طاعة الله، ويلهج بذكرهم ودعائهم فهذا هو الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله" (٢).

وقال ابن تيمية رحمه الله: "كلما ازداد القلب حبا لله ازداد له عبودية وحرية عما سواه، وكلما ازداد له عبودية ازداد له حبا وحرية عما سواه" (٣).

قال ابن عثيمين رحمه الله: "وأصل الأعمال كلها هو المحبة، فالإنسان لا يعمل إلا لما يحب إما لجلب منفعة أو لدفع مضرة، فإذا عمل شيئا فلأنه يحبه إما لذاته كالطعام أو لغيره كالدواء.

وعبادة الله مبنية على المحبة، بل هي حقيقة العبادة إذ لو تعبدت بدون محبة


(١) جامع الرسائل ٢/ ٢٨٤.
(٢) القول السديد ص ٩٥ - ٩٧.
(٣) العبودية ص ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>