للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صارت عبادتك قشرًا لا روح فيها، فإذا كان الإنسان في قلبه محبة لله وللوصول إلى جنته فسوف يسلك الطريق الموصل إلى ذلك.

ولهذا لما أحب المشركون آلهتهم توصلت بهم هذه المحبة إلى أن عبدوها من دون الله أو مع الله" (١).

وقال ابن تيمية رحمه الله: "إن الخلة والمحبة لله تحقيق عبوديته وإنما يغلط من يغلط في هذه من حيث يتوهمون أن العبودية مجرد ذل وخضوع فقط لا محبة معه، وأن المحبة فيها انبساط في الأهواء أو إذلال لا تحتمله الربوبية، ولهذا يذكر عن ذي النون أنهم تكلموا عنده في مسألة المحبة فقال: أمسكوا عن هذه المسألة لا تسمعها النفوس فتدعيها، فكره من كره من أهل المعرفة والعلم مجالسة أقوام يكثرون الكلام في المحبة بلا خشية.

وقال من قال من السلف: "من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق (٢) ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ (٣). ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري (٤)، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد"؛ ولهذا وجد في المتأخرين من انبسط في دعوى المحبة حتى أخرجه ذلك إلى نوع من الرعونة والدعوى التي تنافي العبودية، وتدخل العبد في نوع من الربوبية التي لا تصلح إلا لله" (٥).

فليس الشأن أن تُحِب فقط ولكن الشأن كل الشأن أن تُحَب فاجمع مع الحب


(١) مجموع الفتاوى لابن عثيمين ١٠/ ٦٢٣. وانظر: القول المفيد لابن عثيمين ط ١ - ٢/ ١٤١.
(٢) الزنديق: هو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان. انظر باب (الزنديق).
(٣) المرجئة: قوم يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وأخرجوا العمل عن مسمى الإيمان.
(٤) الحرورية: هم الذين خرجوا على عليّ - رضي الله عنه - بسبب التحكيم.
(٥) العبودية ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>