للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاتباع. قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: ٣١].

قال ابن تيمية رحمه الله: "فاتباع الشريعة والقيام بالجهاد من أعظم الفروق بين أهل محبة الله وأوليائه الذين يحبهم ويحبونه وبين من يدعي محبة الله ناظرا إلى عموم ربوبيته أو متبعا لبعض البدع المخالفة لشريعته، فإن دعوى هذه المحبة لله من جنس دعوى اليهود والنصارى المحبة لله. بل قد تكون دعوى هؤلاء شرا من دعوى اليهود والنصارى لما فيهم من النفاق الذين هم به في الدرك الأسفل من النار، كما قد تكون دعوى اليهود والنصارى شرًا من دعواهم إذا لم يصلوا إلى مثل كفرهم. وفي التوراة والإنجيل من محبة الله ما هم متفقون عليه حتى أن ذلك عندهم أعظم وصايا الناموس ففي الإنجيل أن المسيح قال: أعظم وصايا المسيح أن تحب الله بكل قلبك وعقلك ونفسك. والنصارى يدعون قيامهم بهذه المحبة، وأن ما هم فيه من الزهد والعبادة هو من ذلك، وهم برآء من محبة الله إذا لم يتبعوا ما أحبه بل اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم، والله يبغض الكافرين ويمقتهم ويلعنهم، وهو سبحانه يحب من يحبه، لا يمكن أن يكون العبد محبا لله والله تعالى غير محب له، بل بقدر محبة العبد لربه يكون حب الله له، وإن كان جزاء الله لعبده أعظم كما في الحديث الصحيح الإلهي عن الله تعالى أنه قال: "من تقرب إليّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إليّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة" (١) " (٢).


(١) البخاري (٧٤٠٥) (٧٥٣٦)، ومسلم (٢٦٧٥).
(٢) العبودية ص ٣٩ - ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>