للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَنْ يَشَاءُ} [القصص: ٥٦] (١).

قال الشيخ سليمان بن عبد الله معلقًا على هذا الحديث: "ففي هذا أعظم البيان، وأوضح البرهان على أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يملك ضرًا وَلا نفعًا، ولا عطاء ولا منعًا، وأن الأمر كله بيد الله، فهو الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، ويعذب من يشاء، ويرحم من يشاء، ويكشف الضر عمن يشاء، ويصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم. وهو الذي من جوده الدنيا والآخرة، وهو بكل شيء عليم. ولو كان عنده - صلى الله عليه وسلم - من هداية القلوب ومغفرة الذنوب وتفريج الكروب شيء لكان أحق الناس به، وأولاهم من قام معه أتم القيام ونصره، وأحاطه من بلوغه ثمان سنين وإلى ما بعد النبوة بثمان سنين أو أكثر" (٢).

وفي الحديث يتبين سبب نزول الآية، وفيها النهي عن الاستغفار للمشركين، فلا يجوز الاستغفار لهم، لأن الله قد قضى أن لا يغفر لهم أبدًا إذا ماتو على الشرك.

* فائدة:

أشكل على البعض الجمع بين قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}، وقوله - عَزَّ وَجَلّ -: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢].

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "فالجمع بينهما وبين الآية المترجم لها، قيل: الهداية التي تصح نسبتها لغير الله بوجه ما هي هداية الإرشاد الدلالة، كما قال: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي: ترشد وتبين، والهداية المنفية عن غير الله هي هداية التوفيق وخلق القدرة على الطاعة، ذكره بعضهم بمعناه" (٣).


(١) أخرجه البخاري (١٣٦٠)، ومسلم (٢٤).
(٢) تيسير العزيز الحميد ص ٢٩٨، ٢٩٩.
(٣) تيسير العزيز الحميد ص ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>