للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تسليمكم يبْلُغُنِي أينما كنتم" (١).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، ولا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حيث كنتم" (٢).

قال شيخ الإسلام ابنُ تَيمِيَّةَ: "ووجه الدلالة أن قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل قبر على وجه الأرض وقد نهى عن اتخاذه عيدًا، فقبر غيره أولى بالنهي كائنًا من كان، ثم إنه قرن ذلك بقوله: "ولا تتخذوا بيوتكم قبورًا" أي لا تعطلوها عن الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور (٣)، فأمر بتحري العبادة في البيوت، ونهى عن تحريها عِنْدَ القبور. عكس ما يفعله المشركون من النصارى وأشباههم ... قال: وهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين - رضي الله عنهم -، نهى ذلك الرجل أن يتحرَّى الدعاءَ عِنْدَ قبره - صلى الله عليه وسلم -، واستدل بالحديث وهو الذي رواه وسمعه من أبيه الحسين عن جده علي - رضي الله عنه -. وهو أعلم بمعناه من هؤلاء الضُّلَّال. وكذلك ابن عمه الحسن بن الحسن شيخ أهل بيته كره أن يقصد الرجل القبر إذا لم يكن يريد المسجد، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدًا ... فانظر هذه السنة كيف أن مخرجها من أهل المدينة وأهل البيت الذين لهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرب النسب وقرب الدار؛ لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم فكانوا له أضبط" (٤).


(١) أخرجه ضياء الدين المقدسي في المختارة (٤٢٨) وأبو يعلى في مسنده (٤٦٩) وابن أبي شيبة (١١٨١٨).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٠٤٢)، وأحمد (٨٧٩٠).
(٣) هذا هو المعنى الأول. والمعنى الثاني: لا تدفنوا فيها موتاكم، وكلا المعنيين حق ولا يرِدُ عليه دفن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في بيته فإنه خاص به وبصاحبيه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان دائما يقول: "جئت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر" خرجه مسلم في صحيحه (٢٣٨٩). وروى الترمذي عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج ذات يوم فدخل المسجد وأبو بكر وعمر، أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، وهو آخذ بأيديهما وقال: "هكذا نبعث يوم القيامة".
سنن الترمذي (٣٦٦٩)، وقال: هذا حديث غريب.
(٤) هذا الكلام نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية تلميذُه الإمامُ ابن القيم في إغاثة اللهفان ١/ ١٩٢، ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>