لنظام الكون في ربط الأسباب بمسبباتها والوسائل بمقاصدها. فالسحر يوجد من الساحر وغيره أما المعجزة فلا يمكن أن يأتي بمثلها.
٢ - والمعجزة: تظهر على يد مدّعي النبوة لتكون آية على صدقه في رسالته التى بها هداية الناس من الضلالة، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، والأخذ بأيديهم إلى ما ينفعهم في عقائدهم وأخلاقهم وأبدانهم وأموالهم. أما السحر: فهو خلق ذميم أو خرافة أو صناعة يموه بها الساحر على الناس، ويضللهم ويخدعهم بها عن أنفسهم وما ملكت أيديهم، ويتخذها وسيلة لكسب العيش من غير حله، ويفرق بها بين المرء وزوجه، والصديق وصديقه، وبالجملة يفسد بها أحوال الأمة بخفاء، والناس عنه غافلون.
٣ - سيرة من ظهرت على يده المعجزة حميدة، وعاقبته مأمونة، فهو صريح في القول والفعل، صادق اللهجة، حسن العشرة، سخي كريم، عفيف عما في أيدى الناس، يدعو إلى الحق، وينافح دونه بقوة وشجاعة. أما الساحر: فسيرته ذميمة، ومغبته وخيمة، خائن خداع سيئ العشرة، يأخذ ولا يعطي، يدعو إلى الباطل ويسعى جهده في ستره، خشية أن يفتضح أمره، وينكشف سره، فلا يتم له ما أراد من الشر والفساد.
٤ - من ظهرت على يده المعجزة يقود الأمم والشعوب إلى الوحدة والسعادة، ويهديها طريق الخير، وعلى يده يسود الأمن والسلام، وتفتح البلاد ويكون العمران. أما الساحر: فهو آفة الوحدة ونذير الفرقة والتخريب والفوضى والاضطراب (١).
٥ - أن المعجزة لا يمكن إبطالها أما السحر فإنه يمكن إبطاله.
٦ - أن معجزات الأنبياء عليهم السلام على حقائقها، وبواطنها كظواهرها، وأما
(١) مذكرة التوحيد للشيخ عبد الرزاق عفيفي ٤٥، ٤٦، ٤٧، وانظر تحقيقًا في المعجزة وتوضيحًا تفصيليًا لها في كتاب (موقف ابن تيمية من الأشاعرة) ٣/ ١٣٧٨.