يقولوا: السلام على الله لأن السلام على المسلم عليه دعاء له وطلب أن يسلم والله تعالى هو المطلوب منه لا المطلوب له، وهو المدعو لا المدعو له؛ فيستحيل أن يُسَلَّم عليه بل هو المسلِّم على عباده كما سلم عليهم في كتابه.
ومن حججهم ما رواه أبو داود من حديث ابن عمر "أن رجلا سلم على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فلم يرد عليه حتى استقبل الجدار ثم تيمم ورد عليه وقال: "إني كرهت أن أذكر الله علي طهر".
قالوا: ففي هذا الحديث بيان أن السلام ذكر الله، وإنما يكون ذكرًا إذا تضمن اسمًا من أسمائه.
ومن حججهم أيضًا أن الكفار من أهل الكتاب لا يُبدؤون بالسلام فلا يقال لهم سلام عليكم، ومعلوم أنه لا يكره أن يقال لأحدهم سلمك الله؛ وما ذاك إلا أن السلام اسم من أسماء الله فلا يسوغ أن يطلب للكافر حصول بركة ذلك الاسم عليه فهذه حجج كما ترى قوية ظاهرة.
القول الثاني: أن السلام مصدر بمعنى السلامة وهو المطلوب المدعو به عند التحية. ومن حجة أصحاب هذا القول أنه يذكر بلا ألف ولام يقول المسلم: سلام عليكم، ولو كان اسمًا من أسماء الله لم يستعمل كذلك بل كان يطلق عليه معرفًا كما يطلق عليه سائر أسمائه الحسنى فيقال: السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، فإن التنكير لا يصرف اللفظ إلى معين فضلا عن أن يصرفه إلى الله وحده بخلاف المعرف فإنه ينصرف إليه تعيينًا إذا ذكرت أسماؤه الحسنى.
وبعد أن ذكر القولين رجح أن الحق في مجموع القولين فكل منهما بعض الحق والصواب في مجموعهما. وقال: لما كان مقام طلب السلامة التي هي أهم ما عند الرجل أتى في لفظها بصيغة اسم من أسماء الله وهو السلام الذي يطلب منه