للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عاقبته: ففي هذه الثلاثة، وتخصيصه المرأة والفرس والربع (١) والدار لأنَّهُ لما أبطل مذهب العرب في التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ونحو ذلك قال: فإن كان لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس لا يعجبه ارتباطه: فليفارقها، بأن ينتقل عن الدار ويبيع الفرس ويطلق الزوجة، وكان محل هذا الكلام محل استثناء الشيء من غير جنسه، وسبيله سبيل الخروج من كلام إلى غيره" (٢).

وقال القرطبي: "ولا يظن به أنه يحمل على ما كانت الجاهلية تعتقده، بناء علي أن ذلك يضر وينفع بذاته فإن ذلك خطأ، وإنما عنى أن هذه الأشياء هي أكثر ما يتطير به الناس، فمن وقع في نفسه منها شيء أبيح له أن يتركه، ويستبدل به غيره" (٣).

وقال ابن القيم: "وقالت طائفة أخرى: الشؤم في هذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم بها وتطيّر بها، فيكون شؤمها عليه ومن توكل على الله ولم يتشاءم ولم يتطير لم تكن مشئومة عليه قالوا ويدل عليه حديث أنس: "الطيرة على تطير" (٤) " (٥).

وأحسن الأقوال في ذلك وأرجحها ما قرره ابن القيم (٦) وابن رجب ونصره الشيخ سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد وتتابع عليه الشراح بعده حيث قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "قد يظن بعض الناس أن هذا الحديث، وما في معناه يدل على جواز الطيرة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الشؤم في ثلاث، المرأة والدابة والدار". ونحو هذا والأمر ليس كذلك، فقد قال ابن القيم رحمه الله: إخباره - صلى الله عليه وسلم - بالشؤم في هذه


(١) ورد رواية عند مسلم في آخر باب الطيرة بلفظ: (الربع والخادم والفرس). شرح النووي ١٤/ ٢٢٢. قال في النهاية: (الرَّبع: المنزل ودار الإقامة) (النهاية: ربع).
(٢) جامع الأصول: ٧/ ٦٣٣.
(٣) فتح الباري ٦/ ٦١.
(٤) أخرجه ابن حبان أفاده الحافظ ابن حجر وقال: "في صحته نظر، لأنَّهُ من رواية عتبة بن حميد عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس، قال: وعتبة مختلف فيه". فتح الباري ٦/ ٧٤.
(٥) مفتاح دار السعادة ٢/ ٢٥٦.
(٦) مفتاح دار السعادة ٢/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>