للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكر - رحمه الله تعالى - في موضع آخر أمثلة ما يروى من تلك الأحاديث فقال: "ومنها حديث: "من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي". مثل ما يروون أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "من زارني بعد مماتي كنت له شفيعا يوم القيامة" ... إلى أن قال: فهذه الأحاديث وما أشبهها كلها كذب موضوع علي النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يثبت عنه لفظ واحد في زيارة قبره. وقال: كيف يكون زائر قبره كالمهاجر إليه في حياته؟ فإنما زيارته في حياته إنما شرعت لمن يأتي ويبايعه علي الإسلام والجهاد أو يطلب منه العلم، أو نحو ذلك من المقاصد المأمور بها في حياته، التي لا يحصل شيء منها بزيارة قبره" (١).

قال ابن باز رحمه الله: "ولو كان شيء من هذه الأحاديث ثابتًا لكان الصحابة - رضي الله عنهم - أسبق الناس إلى العمل به، وبيان ذلك للأمة ودعوتهم إليه، لأنهم خير الناس بعد الأنبياء، وأعلمهم بحدود الله وبما شرعه لعباده، وأنصحهم الله ولخلقه فلما لم يُنقل عنهم شيء من ذلك دل علي أنه غير مشروع" (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأول من وضع هذه الأحاديث في السفر لزيارة المشاهد التي على القبور هم أهل البدع من الرافضة وغيرهم الذين يعطلون المساجد ويعظمون المشاهد التي يشرك فيها ويكذب فيها ويبتدع فيها دين لم ينزل الله به سلطانًا" (٣).

ومن أدلة المجيزين ما يروونه من (أن بلالًا - رضي الله عنه - رأى النَّبِيّ صلي الله عليه وآله وسلم وهو في الشام في منامه وهو يقول له: ما هذه الجفوة يا بلال؟! أما آن لك أن تزورني يا بلال؟!، فانتبه حزينًا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة) قال الحافظ


(١) الرد على البكري ص ٥٥. وانظر مجموع الفتاوى ٢٨/ ٢٢٤.
(٢) التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ١٠٩.
(٣) مجموع الفتاوى ٢٧/ ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>