أحدها: أن يقال: إن عدد خصال الإيمان عند قول النبي - صلى الله عليه وسلم - كان منحصرًا في هذا العدد، ثم حدثت الزيادة فيه بعد ذلك، حتى كملت خصال الإيمان في آخر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي هذا نظر.
والثاني: أن تكون خصال الإيمان كلها تنحصرُ في بضعٍ وسبعين نوعًا، وإن كانت أفراد كل نوع تتعدد تعددًا كثيرًا، وربما كان بعضها لا ينحصر. وهذا أشبه، وإن كان الوقوف على ذلك يتعسَّر أو يتعذر.
والثالث: أن ذكر السبعين على وجه التكثير للعدد، لا على وجه الحصر، كما في قوله تعالى:{إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[التوبة: ٨٠].
والمراد: تكثيرُ التعداد من غير حصوله في هذا العدد، ويكون ذكره للبضع يشعر بذلك، كأنه يقول: هو يزيد على السبعين المقتضية لتكثير العدد وتضعيفه.
وهذا ذكره بعض أهل الحديث من المتقدمين، وفيه نظر.
والرابع: أن هذه البضع وسبعين هي أشرف خصال الإيمان وأعلاها، وهو الذي تدعو إليه الحاجةُ منها. قاله ابن حامد من أصحابنا" (١).
مسألة أخرى: تضمن كلام العلماء أن أركان الإيمان ستة بناءً على حديث جبريل - عليه السَّلام - فكيف يُجمع بينها وبين قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان بضع وسبعون شعبة"؟.
قال الشيخ ابن عثيمين في الجمع بين ذلك: "أن نقول الإيمان الذي هو العقيدة أصوله ستة وهي المذكورة في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام حينما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن الإيمان فقال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره - متفق عليه -. وأما الإيمان الذي يشمل الأعمال وأنواعها وأجناسها فهو بضع وسبعون شعبة ولهذا سمى الله تعالى الصلاة إيمانا في قوله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة: ١٤٣] قال المفسرون: يعني صلاتكم إلى بيت المقدس؛