للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرط الثاني: الرضى عن المشفوع له ورضى الله تعالى لا يحصل إلا باتباع الأوامر واجتناب المناهي فما أمر به فهو مرضي محبوب وما نهى عنه مبغض منبوذ والأدلة على هذا كثيرة منها قوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: ٢٨]. وقوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: ١٨]. وقوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: ٤٨] ومنها ما رواه مسلم بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنِّي اخْتبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً أُمَّتِي وَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ الله مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لا يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا" (١).

فالشفاعة بهذا خاصة بالمؤمنين الذين ماتوا على التوحيد.

ودل على ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لا يَسْألنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ على الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلَّا الله خَالِصًا مِنْ قَلْبهِ أوْ نَفْسِهِ" (٢).

قال ابن تيمية: "فالذي تنال به الشفاعة هي الشهادة بالحق، وهي شهادة أن لا إله إلا الله، لا تنال بتولي غير الله، لا الملائكة، ولا الأنبياء، ولا الصالحين" (٣).

* وهناك اعتراضات على الشرط الثاني وهو الرضى عن المشفوع منها:

١ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شفع لعمه أبي طالب مع كونه كافر؟ وهذا يشكل مع قوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}.


(١) أخرجه مسلم (١٩٩). والترمذي (٣٦٠٢)، وابن ماجه (٤٣٠٧) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٢) أخرجه البخاري (٩٩) (٦٥٧٠).
(٣) الحسنة والسيئة ص ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>