للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المشركون من الشفعاء والأنداد من دون الله منتفية دنيا وأخرى ومنتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن. قال شيخ الإسلام: "واحتج هؤلاء المنكرون للشفاعة بقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} وبقوله: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ}، وبقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} وبقوله: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} وبقوله {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}.

وجواب أهل السنة: أن هذا يراد به شيئان:

أحدهما: أنها لا تنفع المشركين كما قال تعالى في نعتهم {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)}، فهؤلاء نفى عنهم نفع شفاعة الشافعين لأنهم كانوا كفارًا.

والثانى: أنه يراد بذلك نفي الشفاعة التى يثبتها أهل الشرك ومن شابههم من أهل البدع من أهل الكتاب والمسلمين الذين يظنون أن للخلق عند الله من القدر أن يشفعوا عنده بغير إذنه كما يشفع الناس بعضهم عند بعض فيقبل المشفوع إليه شفاعة شافع لحاجته إليه رغبة ورهبة وكما يعامل المخلوق المخلوق بالمعاوضة" (١).

والخلاصة أن الناس في الشفاعة طرفان ووسط. فالخوارج والمعتزلة أنكروا الشفاعة والقبوريون أثبتوا شفاعة شركية فجوزوا طلب الشفاعة من الأموات والأولياء في أمور لا يقدر عليها إلا الله (٢). وأهل السنة أثبتوا الشفاعة بشروط


(١) انظر للاستزادة الاقتضاء ٢/ ٨٢١.
(٢) مجموع الفتاوى ١/ ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>