للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الجب وفرقوا بينه وبين أبيه وباعوه بيع العبيد.

وكذلك صبر الخليل - رحمه الله -، والكليم، وصبر نوح، وصبر المسيح، وصبر خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وسيد ولد آدم عليهم الصلاة والسلام كان صبرا على الدعوة إلى الله ومجاهدة أعداء الله؛ ولهذا سماهم الله أولي العزم، وأمر رسوله أن يصبر صبرهم قال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: ٣٥] (١).

واعلم أن أجر الصبر في بعض الأعمال أكثر منه في غيره ويعظم الأجر بالصبر على أعظم الأعمال قال ابن تيمية - رحمه الله -: "فإن أعمال البر كلما عظمت كان الصبر عليها أعظم مما دونهما فإن في العلم والإمارة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصلاة والحج والصوم والزكاة من الفتن النفسية وغيرها ما ليس في غيرها ويعرض في ذلك ميل النفس إلى الرئاسة والمال والصور فإذا كانت النفس غير قادرة على ذلك لم تطمع فيه كما تطمع مع القدرة فإنها مع القدرة تطلب تلك الأمور المحرمة بخلاف حالها بدون القدرة فإن الصبر مع القدرة جهاد بل هو من أفضل الجهاد وأكمل من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن الصبر عن المحرمات أفضل من الصبر على المصائب.

الثاني: أن ترك المحرمات مع القدرة عليها وطلب النفس لها أفضل من تركها بدون ذلك.

الثالث: أن طلب النفس لها إذا كان بسبب أمر ديني كمن خرج لصلاة أو طلب علم أو جهاد فابتلي بما يميل إليه من ذلك فإن صبره على ذلك يتضمن فعل المأمور وترك المحظور بخلاف ما إذا مالت نفسه إلى ذلك بدون عمل صالح" (٢).


(١) عدة الصابرين ص ٢٤.
(٢) مجموع الفتاوى ١٠/ ٥٧٦، ٥٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>