للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن رجب: كلام الخواص هذا عزم على الرضى ليس هو الرضى، فإنه إنما يكون بعد القضاء كما في الحديث: "وأسألك الرضى بعد القضاء" (١) لأن العبد قد يعزم على الرضى بالقضاء قبل وقوعه فإذا وقع انفسخت تلك العزيمة، فمن رضي بعد وقوع القضاء فهو الراضي حقيقة" (٢).

وقال ابن القيم مبينًا ضابط الرضا: "وليس من شرط الرضا ألا يحسَّ بالألم والمكاره بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه. ولهذا أشكل على بعض الناس الرضا بالمكروه وطعنوا فيه. قالوا: هذا ممتنع على الطبيعة. وإنما هو الصبر. وإلا كيف يجتمع الرضا والكراهة؟ وهما ضدان والصواب أنه لا تناقض بينهما وأن وجود التألم وكراهة النفس له لا ينافي الرضا كرضا المريض بشرب الدواء الكريه ورضا الصائم في اليوم الشديد الحرّ بما يناله من ألم الجوع والظمأ ورضا المجاهد بما يحصل له في سبيل الله من ألم الجراح وغيرها" (٣).

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله في قوله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [البينة: ٨]: "وهذا دليل على فضيلة الرضى، وهو أن لا يعترض على الحكم ولا يتسخطه ولا يكرهه، وقد وصى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا فقال: "لا تتهم الله في شيء قضاه لك" (٤).

فإذا نظر المؤمن بالقضاء والقدر في حكمة الله ورحمته، وأنه غير متهم في قضائه، دعاه ذلك إلى الرضى، قال ابن مسعود: إن الله بقسطه وعلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضى، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط" (٥).


(١) أخرجه النسائي (١٣٠٦).
(٢) انظر تيسير العزيز الحميد ص ٥٢٧.
(٣) المدارج لابن القيم ٢/ ١٨٢.
(٤) مسند الإمام أحمد (٢٣٠٩٤).
(٥) تيسير العزيز الحميد ص ٥٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>