للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسلام أصلًا، فلا يرجع استهزاؤه إلى واحد من الثلاثة؛ فلهذا نقول: الكفر يكون أكبر إذا كان الاستهزاء بأحد الثلاثة التي ذكرنا ونصت عليها الآية، أو كان راجعًا إلى أحد الثلاثة.

أما إذا كان الاستهزاء بشيء خارج عن ذلك، فإنه يكون فيه تفصيل: فإن هزل بالدين، فيُنظر هل يريد دين الإسلام، أو يريد تدين فلان؟ ومثال ذلك: أن يأتي واحد من المسلمين ويستهزئ - مثلًا - بهيئة أحد الناس وهيئته يكون فيها التزام بالسنة، فهل يكون هذا مستهزئًا الاستهزاء الذي يخرجه من الملة؟ الجواب: لا؛ لأن هذا الاستهزاء راجع إلى تدين هذا المرء، وليس راجعًا إلى الدين أصلًا، فيُعرَّف بأن هذا سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا عَلِمَ أنه سنة، وأقرَّ بذلك، وأن النبي فعله ثم استهزأ، بمعنى: استنقص أو هزأ بالذي اتبع السنة مع علمه بأنها سنة وإقراره بصحة كونها سنة فهذا رجع إلى الاستهزاء بالرسول.

وكذلك الاستهزاء بكلمات قد يكون مرجعها إلى القرآن، وقد لا يكون مرجعها إلى القرآن فيكون فيه تفصيل، فالخلاصة - إذًا - أن الاستهزاء إذا كان بالله، أو بصفاته، أو بأسمائه، أو بالرسول عليه الصلاة والسلام، أو بالقرآن فإن هذا كفر، وإن كان الاستهزاء غير ذلك فينظر: إن كان راجعًا إلى أحد الثلاثة فهو كفر أكبر، وإن كان غير ذلك فإنه يكون محرمًا ولا يكون كفرًا أكبر" (١).

وهكذا القول في حكم الاستهزاء بالمتمسك بالدين:

فإن له حالتين:

الحالة الأولى: الاستهزاء بالمسلم لعيب خُلُقي، أو خَلقي مستقذر وذلك: كالاستهزاء بالطول والقصر، والعرج والعور، والعجلة والحماقة، والغضب والبلاهة وما شابه ذلك.


(١) التمهيد لشرح كتاب التوحيد ٤٨٢، ٤٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>