للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أحمد بن حنبل - رحمه الله -: "عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان والله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: ٦٣] أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك لعله إذا ردّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك" (١).

وفي كلام الإمام أحمد - رحمه الله - الإشارة إلى أن التقليد قبل بلوغ الحجة لا يذم وإنما ينكر على من بلغته الحجة وخالفها لقول إمام من الأئمة وذلك إنما نشأ من الإعراض عن تدبر كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والإقبال على كتب من تأخر والاستغناء بها عن الوحيين وهذا شبه ما وقع من أهل الكتاب الذين قال الله فيهم {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١].

وقال ابن تيمية: "وإذا كان الرجل متبعًا لأبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد ورأى في بعض المسائل أن مذهب غيره أقوى فاتبعه كان قد أحسن في ذلك ولم يقدح ذلك في دينه ولا عدالته، بلا نزاع، بل هذا أولى بالحق، وأحب إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ممن يتعصب لواحد معين غير النبي - صلى الله عليه وسلم - كمن يتعصب لمالك أو الشافعي أو أحمد أو أبي حنيفة، ويرى أن قول هذا المعين هو الصواب الذي ينبغي اتباعه دون قول الإمام الذي خالفه، فمن فعل هذا كان جاهلًا ضالًا، بل قد يكون كافرًا، فإنه متى اعتقد أنه يجب على الناس اتباع واحد بعينه من هؤلاء الأئمة دون الإمام الآخر، فإنه يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، بل غاية ما يقال إنه يسوغ أو ينبغي أو يجب على العامي أن يقلد واحدًا لا بعينه، من غير تعيين زيد ولا عمرو، وأما أن يقول قائل إنه يجب على العامة تقليد فلان أو فلان فهذا لا يقوله مسلم" (٢).


(١) الإبانة الكبرى لابن بطة (٩٧) وانظر مسائل عبد الله ٣/ ١٣٥٥.
(٢) مجموع الفتاوى ٢٢/ ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>