للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فنهى عنه لذلك وإن لم يقصد بذلك التشريك في الربوبية التي هي وصف الله تعالى وإنما المعنى أن هذا مالك له، فيطلق عليه هذا اللفظ بهذا الاعتبار فالنهي عنه حسما لمادة التشريك بين الخالق والمخلوق وتحقيقا للتوحيد وبعدا عن الشرك في اللفظ.

وهذا من أحسن مقاصد الشريعة، لما فيه من تعظيم الرب تعالى وبعده عن مشابهة المخلوقين، فأرشدهم - صلى الله عليه وسلم - إلى ما يقوم مقام هذه الألفاظ هو قوله: سيدي ومولاي. وكذا قوله: لا يقل أحدكم عبدي وأمتي، لأن العبيد عبيد الله والإماء إماء الله، قال تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣)} [مريم: ٩٣] ففي إطلاق هاتين الكلمتين على غير الله تشريك في اللفظ فنهاهم عن ذلك تعظيما لله تعالى وأدبًا وبعدًا عن الشرك وتحقيقًا للتوحيد، وأرشد إلى أن يقول: "فتاي وفتاتي وغلامي".

وهذا من باب حماية المصطفى - صلى الله عليه وسلم - جناب التوحيد" (١).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن قول عبدي وأمتي: "والحكم في ذلك ينقسم إلى قسمين:

الأول: أن يضيفه إلى غيره مثل أن يقول عبد فلان أو أمة فلان فهذا جائز. قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ} [النور. ٣٢].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة" (٢).

الثاني: أن يضيفه إلى نفسه، وله صورتان:

الأولى: أن يكون بصيغة الخبر مثل: أطعمت عبدي، كسوت عبدي، أعتقت عبدي، فإن قاله في غيبة العبد أو الأمة فلا بأس فيه، وإن قاله حضرة العبد أو الأمة فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منع، وإلا فلا، لأن القائل بذلك


(١) فتح المجيد ص ٥٤١، ٥٤٢.
(٢) أخرجه البخاري (١٤٦٣) (١٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>