للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهدء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار زينة، وبالجملة ليس لهم أن يخصوا عيدهم بشيء من شعائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم، وأما إذا أصابه المسلمون، قصدا فقد كره ذلك طوائف من السلف والخلف وأما تخصيصه بما تقدم ذكره فلا نزاع فيه بين العلماء، بل قد ذهب طائفة من العلماء إلى كفر من يفعل هذه الأمور لما فيها تعظيم شعائر الكفر، وقال طائفة منهم: من ذبح نطيحة يوم عيدهم فكأنما ذبح خنزيرًا" (١).

وقال رحمه الله: "إن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحج:٦٧]، كالقبلة والصلاة والصيام، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد، وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر، وأظهر شعائره، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه، أما مبدؤها فأقل أحواله أن يكون معصية" (٢).

وقال أيضًا: "إنه إذا سوغ فعل القليل من ذلك أدى إلى فعل الكثير، ثم إذا اشتهر الشيء دخل فيه عوام الناس، وتناسوا أصله حتى يصير عادة للناس، بل عيدًا، حتى يضاهى بعيد الله، بل قد يزاد عليه حتى يكاد أن يفضى إلى موت الإسلام


(١) مجموع الفتاوى ٢٥/ ٣٢٩، ٣٣٠. وانظر للاستزادة الاقتضاء ٢/ ٥٧٨.
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ٤٧١، ٤٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>