للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال في هذا شيخ الإسلام: "هذا القول لا ينافي الأول "الإسلام" فإن الطفل يولد سليمًا وقد علم الله أنه سيكفر فلا بد أن يصير إلى ما سبق له في أم الكتاب كما تولد البهيمة جمعاء وقد علم الله أنها ستجدع ... الخ" (١).

وقيل المراد بالفطرة: "الخلقة: أي يولد سالمًا لا يعرف كفرًا ولا إيمانا ثم يعتقد إذا بلغ التكليف" (٢).

وقد رد هذا القول شيخ الإسلام - رحمه الله - حيث قال: "وقولكم خلقوا خالين من المعرفة والإنكار من غير أن تكون الفطرة تقتضي واحدًا مثهما بل يكون القلب كاللوح الذي يقبل كتابة الإيمان والكفر وليس هو لأحدهما أقبل منه للآخر فهذا القول فاسد جدًّا وأيضًا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - شبهها بالبهيمة المجتمعة الخلق وشبه ما يطرأ عليها من الكفر بجدعة الأنف ومعلوم أن كمالها محمود ونقصها مذموم فكيف تكون قبل النقص لا محمودة ولا مذمومة والله أعلم" (٣).

وقيل المراد به: "البداءة التي ابتدأهم عليها" (٤).

وقيل أن المراد: "تمكن الناس من الهدى في أصل الجبلة، والتهيؤ لقبول الدين، فلو ترك المرء عليها لاستمر على لزومها، ولم يفارقها إلى غيرها؛ لأن حسن هذا الدين ثابت في النفوس، وإنما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية كالتقليد" (٥).

* والصواب أن المراد بالفطرة الإسلام، كما تقدم في نقل ابن عبد البر الإجماع على ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إنها فطرة الله التي فطر الناس عليها وهي فطرة الإسلام، وهي الفطرة التي فطرهم عليها يوم قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}


(١) مجموع الفتاوى ٤/ ٢٤٦.
(٢) انظر: فتح الباري ٣/ ٢٩٤.
(٣) مجموع الفتاوى ٤/ ٢٤٤.
(٤) شفاء العليل ص ٤٨٠.
(٥) هذا قول الطيبي. قال الحافظ: وإلى هذا مال القرطبي (فتح ٣/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>