للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبدُ الله ورسوله. فأبى المشركون إلا مخالفة أمره، وارتكاب نهيه، فعظّموه بما نهاهم عنه وحذَّرهم منه، وناقضوه أعظم مناقضة، وضاهوا النصارى في غُلُّوهم وشركهم، ووقعوا في المحذور، وجرى منهم من الغلو والشرك شعرًا ونثرًا ما يطولُ عدُّه، وصنَّفوا فيه المصنفات.

وقد ذكر شيخُ الإسلام عن بعض أهل زمانه: أنه جوَّز الاستغاثة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في كلِّ ما يُستغاث فيه بالله. وصنَّف في ذلك مصنفًا، ردَّه شيخ الإسلام، وردُّه موجودٌ بحمد الله" (١).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وهذا النهي يحتمل انه مُنصَبّ على هذا التشبيه، وهو قوله: "كما أطرت النصارى ابن مريم"، حيث جعلوه إلهًا أو ابنًا لله، وبهذا يوحي قول البوصيري:

دع ما ادَّعته النصارى في نبيهم ... واحكم بما شئت مدحًا فيه

أي دع ما قاله النصارى أن عيسى عليه السلام ابن الله أو ثالث ثلاثة والباقي املأ فمك في مدحه ولو بما لا يرضيه.

ويحتمل أنّ النهي عام؛ فيشمل ما يشابه غلو النصارى في عيسى بن مريم وما دونه، ويكون قوله (كما أطرت) لمطلق التشبيه لا للتشبيه المطلق؛ لأنَّ إطراء النصارى عيسى بن مريم سببه الغلو في هذا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - حيث جعلوه ابنًا لله وثالث ثلاثة، والدليل على أن المراد هذا قوله: "إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله"" (٢).

وفي هذا الحديث النهي عن مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - المدح الزائد عن منزلته لأن الغلو قد يؤدي إلى الشرك بالله كما صار للنصارى.


(١) فتح المجيد، ص ٢٥٤.
(٢) القول المفيد من مجموع فتاوى ابن عثيمين ٩/ ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>