للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالجحود أن يكذب وينكر بلسانه أن هذا حكم الله أو أنه من عنده سُبْحانه وتعالى مع تصديق قلبه بذلك.

قال الراغب: "وأعظم الكفر جُحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة" (١).

قال الله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [الرعد. ٣٠].

وسبب نزول الآية: أنه حين كتب "بسم الله الرحمن الرحيم" في صلح الحديبية، قالوا: أما الرحمن فلا نعرفه ولا ندري ما الرحمن، ولا نكتب إلا باسمك اللهم. فقال أصحابه: دعنا نقاتلهم. فقال: لا، ولكن اكتبوا كما يريدون (٢).

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "وقيل قالوا ذلك حينما سمعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدعو في سجوده ويقول "يا رحمن يا رحيم" فقالوا: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} أي يجحدون هذا الاسم لأنهم يجحدون الله فإنهم يقرون به كمال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف.٨٧]. والمراد بهذا كفار قريش أو طائفة منهم فإنهم جحدوا هذا الاسم عنادًا وجهلًا، وأما كثير من أهل الجاهلية فيقرون بهذا الاسم كما قال بعضهم:

وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق

قال ابن كثير: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} أي: لا يقرون به، لأنهم يأبون من وصف الله بالرحمن الرحيم" (٣).

قال ابن القيم: "وكفر الحجود نوعان: كفر مطلق عام، وكفر مقيد خاص.


(١) المفردات (ج ح د).
(٢) فتح القدير ٣/ ١١٩.
(٣) تيسير العزيز الحميد ٥٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>