للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أن ما فعله الخضر لم يكن مخالفًا لشريعة موسى عليه السلام، وموسى لم يكن علم الأسباب التي تبيح ذلك فلما بينها له وافقه على ذلك (١).

قال شارح الطحاوية: "وأما من يتعلق بقصة موسى مع الخضر عليهما السلام، في تجويز الاستغناء عن الوحي بالعلم اللدُنِّي، الذي يدّعيه بعض من عُدِمَ التوفيق: فهو ملحد زنديق، فإن موسى عليه السلام لم يكن مبعوثًا إلى الخضر، ولم يكن الخضر مأمورًا بمتابعته. ولهذا قال له: أنت موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. ومحمد - صلى الله عليه وسلم - مبعوث إلى جميع الثقلين، ولو كان موسى وعيسى حيَّيْنِ لكانا من أتباعه. وإذا نزل عيسى عليه السلام إلى الأرض، إنما يحكم بشريعة محمد، فمن ادعى أنه مع محمد - صلى الله عليه وسلم - كالخضر مع موسى، أو جوّز ذلك لأحد من الأمة فليجدد إسلامه، وليشهد شهادةَ الحق، فإنه مفارق لدين الإسلام بالكلية، فضلًا عن أن يكون من أولياء الله، وإنما هو من أولياء الشيطان، وهذا الموضع مفرق بين زنادقة القوم، وأهل الاستقامة، وكذا من يقول بأن الكعبة تطوف برجال منهم حيث كانوا!! فهلا خرجت الكعبة إلى الحديبية فطافت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أحصِرَ عنها، وهو يَوَدُّ منها نظرةً؟! وهؤلاء لهم شبه بالذين وصفهم الله تعالى حيث يقول: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (٥٢)} [المدثر: ٥٢] إلى آخر السورة" (٢).


(١) انظر مجموع الفتاوى ٣/ ٤٢٢، ١١/ ٤٨، ٤٩، ١٠، ٦٠٧/ ٣١٨.
(٢) شرح الطحاوية لأبي العز، ص ٤٥٨ ط - أحمد شاكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>