للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث بريدة أنَّ خالد بن الوليد لما رمى المرجومةَ بحجر فنضح الدم على وجهه، فَسَبَّها، فسمع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سبَّهُ إياها، فقال: "مهلًا يا خالد، فوالذي نفسي بيده لقد تابتْ توبةً لو تابها صاحبُ مكس (١) لغفر له" (٢).

قال القرطبي رحمه الله: "وذكر ابن العربي أن لعن العاصي المعين لا يجوز اتفاقًا" (٣).

وقال ابن تيمية رحمه الله: "وقد تنازع الناس في لعنة الفاسق المعين فقيل إنه جائز كما قال ذلك طائفة من أصحاب أحمد وغيرهم كأبي الفرج بن الجوزي وغيره، وقيل إنه لا يجوز كما قال ذلك طائفة أخرى من أصحاب أحمد وغيرهم كأبي بكر عبد العزيز وغيره، والمعروف عن أحمد كراهة لعن المعين كالحجاج بن يوسف وأمثاله وأن يقول كما قال الله تعالى {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} ثم ذكر حديث حمار وقال: فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لعنة هذا المعين الذي كان يكثر شرب الخمر معللًا ذلك بأنه يحب الله ورسوله مع أنه - صلى الله عليه وسلم - لعن شارب الخمر مطلقًا؛ فدل ذلك على أنه يجوز أن يلعن المطلق ولا تجوز لعنة المعين الذي يحب الله ورسوله" (٤).

ولا يشكل على القول بعدم الجواز ورود اللعن في كتاب الله قال ابن تيمية: "فأما قول الله تعالى {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:١٨] فهي آية عامة كآيات الوعيد بمنزلة قوله {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: ١٠]، وهذا يقتضي أن هذا الذنب سبب اللعن والعذاب لكن قد يرتفع موجبه لمعارض راجح إما توبة، وإما حسنات ماحية، وإما مصائب مكفرة، فمن أين يعلم الإنسان أن يزيد أو غيره من الظَلَمة لم يتب من


(١) قال ابن الأثير: المكس: الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشَّار. النهاية (م ك س).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٩٥)، وأبو داود (٤٤٤٢).
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ١٨٩.
(٤) منهاج السنة النبوية ٤/ ٥٦٩ - ٥٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>