للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: يا بُنَيَّ، وهل يتولَّى يزيد أحدٌ يؤمنُ بالله واليوم الآخر؟ فقلت: ولم لا تلعنه؟ فقال: ومتى رأيتني ألحنُ شيئًا؟ لِمَ لا نلعن مَنْ لعنه الله عزَّ وجلَّ في كتابه؟ فقلت: وأين لعن الله يزيد في كتابه؟ فقرأ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد:٢٢ - ٢٣]. فهل يكون في قطع الرحم أعظم من القتل؟

قال القاضي: وهذه الرواية إنْ صَحَّتْ فهي صريحةٌ في معنى لعن يزيد (١).

قال الشيخ تقي الدين: الدلالة مبنية على استلزام المطلق للمعين، انتهى كلامه" (٢).

وجاء في رواية أبي طالب قال سألت أحمدَ بن حنبل عَمَّنْ قال: لعن الله يزيد بن معاوية. فقال: "لا تكلّمْ في هذا، الإمساكُ أحَبُّ إليَّ" (٣).

قال ابن مفلح: "قال ابن الجوزي: هذه الرواية تدل على اشتغال الإنسان بنفسه عن لَعْنِ غيره. والأولى - على جواز اللعنة - كما قلنا في تقديم التسبيح على لعنه إبليس. وسَلَّمَ ابن الجوزي أن تركَ اللعنِ أوْلى، وقد روى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قيل يا رسول الله ادعُ الله على المشركينَ، قال: "إني لم أُبْعَث لَعَّانا وإنما بُعثتُ رحمةً" (٤) " (٥).

وذكر ابن حجر رحمه الله جواز لعن الفاسق المسلم المجاهر بفسقه المشتهر به


(١) لعل هذا وما قبله مأخذ قول العلامة الكيا الهراسي من فقهاء الشافعية إذ سئل عن لعن يزيد فقال: للشافعي فيه قولان تصريح وتلويح، ولأحمد فيه قولان تصريح وتلويح، ولنا قول واحد صريح لا تلويح: لعنة الله عليه.
(٢) الآداب الشرعية ١/ ٢٩٠.
(٣) الآداب الشرعية ١/ ٢٨٦.
(٤) أخرجه مسلم (٢٥٩٩) من حديث أبي هريرة.
(٥) الآداب الشرعية ١/ ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>