للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هذا كله به شرك" (١). وهذا محمول على أنه تناسى المنعم (٢).

وفي قوله: "لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص" قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "والمعنى أن من الشرك نسبة عدم السرقة إلى الكلبة التي إذا رأت السراق نبحتهم، فاستيقظ أهلها وهرب السراق. وربما امتنعوا من إتيان المحل الذي هي فيه خوفًا من نباحها، فيعلم بهم أهلها كما روى ابن أبي الدنيا في "الصمت" عن ابن عباس قال: "إن أحدكم ليشرك حتى يشرك بكلبه يقول: لولاه لسرقنا الليلة".

وقوله: "ولولا البط في الدار لأتى اللصوص". البط بفتح الموحدة: طائر معروف يتخذ في البيوت وإذا دخلها غريب صاح واستنكره، وهو الإوز بكسر الهمزة وفتح الواو ومعناها كالذي قبله. والواجب نسبة ذلك إلى الله تعالى، فهو الذي يحفظ عباده ويكلؤهم بالليل والنهار كما قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: ٤٢] " (٣).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والخلاصة: أن الحادث بسبب معلوم له صور:

الصورة الأولى: أن يضيفه إلى الله وحده.

الثانية: أن يضيفه إلى الله تعالى مقرونًا بسببه المعلوم؛ مثل أن يقول: "لولا أن الله أنجاني بفلان لغرقت".

الثالثة: أن يضيفه إلى السبب المعلوم وحده مع اعتقاد أن الله هو المسبِّب، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمه أبي طالب لما ذكر عذابه: "لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار".

الرابعة: أن يضيفه إلى الله مقرونًا بالسبب المعلوم بـ "ثم"، كقوله: "لولا الله ثم فلان"، وهذه الأربع كلها جائزة.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (٢٣٠).
(٢) وقد ذكرت تفصيل ذلك في باب (كفر النعمة) فليراجع.
(٣) تيسير العزيز الحميد ص ٥٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>