للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى هو المستحق للعبادة لذاته، لأنه المألوه المعبود الذي تألهه القلوب وترغب إليه، وتفزع إليه عند الشدائد، وما سواه فهو مفتقر إليه مقهور بالعبودية له تجري عليه أقداره وأحكامه طوعًا وكرهًا، فكيف يصلح أن يكون ندا؟ قال الله تعالى {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥)} [الزخرف: ١٥] وقال: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)} [مريم: ٩٣ - ٩٥]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)} [فاطر: ١٥] فبطل أن يكون له نديد من خلقه، تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢)} [المؤمنون: ٩٣ - ٩٤] " (١).

ثانيًا: وقد يكون شركا أصغر:

قال ابن عباس في الآية: "الأنداد هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل وهو أن تقول: والله وحياتك يا فلانة وحياتي. وتقول: لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص. ولولا البط في الدار لأتى اللصوص. وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت. وقول الرجل: لولا الله وفلان. لا تجعل فيها فلانا. هذا كله به شرك" (٢).

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "إن هذه الأمور من الشرك خفية في الناس لا


(١) تيسير العزيز الحميد ص ١٢٠.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم ١/ ٦٢ (٢٢٩). وما ذكره ابن عباس أمثلة لاتخاذ الأنداد لأن لفظ الآية يشملها وإن كانت نازلة في الشرك الأكبر. فالسلف يستدلون بما نزل في الشرك الأكبر على الشرك الأصغر.

<<  <  ج: ص:  >  >>