للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تجري عليه أحكامهم في تجارة أو غيرها، وقد كره مالك - رحمه الله تعالى - أن يسكن أحد ببلد يُسَبُّ فيه السلف فكيف ببلد يكفر فيه بالرحمن، وتعبد فيه من دونه الأوثان، ولا تستقر نفس أحد على هذا إلا وهو مسلم سوء، مريض الإيمان" (١).

وقال العيني: "وأما الهجرة عن المواضع التي لا يتأتى فيها أمر الدين فهي واجبة اتفاقًا" (٢). وسيأتي في باب (الهجرة) أقوال العلماء في ذلك.

وقال الشيخ ابن عتيق: "من أقام ببلاد الكفر رغبة واختيارًا لصحبتهم، فيرضى ما هم عليه من الدين، أو يمدحه، أو يرضيهم بعيب المسلمين، فهذا كافر عدو لله ورسوله، لقوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: ٢٨] " (٣).

وقال الشيخ ابن عثيمين: "فالإقامة في بلاد الكفر لا بد فيها من شرطين أساسيين:

الشرط الأول: أمن المقيم على دينه بحيث يكون عنده من العلم والإيمان، وقوة العزيمة ما يطمئنه على الثبات على دينه والحذر من الانحراف والزيغ وأن يكون مضمرا لعداوة الكافرين وبغضهم مبتعدًا عن موالاتهم ومحبتهم، فإن موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان قال الله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: ٢٢] وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ


(١) مقدمات ابن رشد ٢/ ٦١٢، ٦١٣.
(٢) عمدة القاري ١٤/ ٨٠.
(٣) الدفاع عن أهل السنة والاتباع لحمد بن عتيق ص ١٢، والدرر السنية ٧/ ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>