للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذلك الصدى، ومن ذلك تطير العامة بصوت الهامة، فأبطل الشرع ذلك" (١).

وقال النووي: "قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا هامة" فيه تأويلان:

أحدهما: أن العرب كانت تتشاءم بالهامة وهى الطائر المعروف من طير الليل وقيل هي البومة قالوا كانت إذا سقطت على دار أحدهم رآها ناعية له نفسه أو بعض أهله، وهذا تفسير مالك بن أنس.

والثاني: أن العرب كانت تعتقد أن عظام الميت وقيل روحه تنقلب هامة تطير، وهذا تفسير أكثر العلماء وهو المشهور ويجوز أن يكون المراد النوعين فإنهما جميعًا باطلان، فبَيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - إبطال ذلك وضلالة الجاهلية فيما تعتقده من ذلك" (٢).

قال ابن حجر في أثناء كلامه على شرح الحديث عن الهامة: "قال أبو زيد: هي بالتشديد، وخالفه الجميع فخففوها، وهو المحفوظ في الرواية، وكأن من شددها ذهب إلى واحدة الهوام، وهي ذوات السموم. وقيل: دواب الأرض التي تهم بأذى الناس، وهذا لا يصح نفيه إلا إن أريد أنها لا تضر لذواتها، وإنما تضر إذا أراد الله إيقاع الضرر بمن أصابته.

وقد ذكر الزبير بن بكار في "الموفقيات": أن العرب كانت في الجاهلية تقول: إذا قتل الرجل ولم يؤخذ بثأره، خرجت من رأسه هامة - وهي دودة - فتدور حول قبره فتقول: اسقوني اسقوني. فإن أدرك بثأره ذهبت وإلا بقيت. وفي ذلك يقول شاعرهم:

يا عمرو إن لا تدع شتمي ... أضربك حتى تقول الهامة: اسقوني

قال: وكانت اليهود تزعم أنها تدور حول قبره سبعة أيام ثم تذهب. وذكر ابن


(١) شرح السنة للبغوي ١٢/ ١٧٠، ١٧١.
(٢) شرح مسلم للنووي ١٤/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>