للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأنصار فاحتكموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص، فعرضوا عليهم الصلح فأبوا، فقام أنس بن النضر فقال: أتكسر ثنية الربيّع؟ والله يا رسول الله لا تكسر ثنية الربيّع. وهو لا يريد به رد الحكم الشرعي. فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يا أنس كتاب الله القصاص" يعني السن بالسن، قال: والله لا تكسر ثنية الربيّع، وغرضه بذلك أنه لقوة ما عِنْدَه من التصميم على أن لا تكسر ولو بذل كل غال ورخيص أقسم على ذلك.

فلما عرفوا أنه مصمم ألقى الله في قلوب الأنصار العفو فعفوا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" (١) فهو لقوة رجائه بالله وحسن ظنه أقسم على الله أن لا تكسر ثنية الربيع فألقى الله العفو في قلوب هؤلاء الذين صمموا أمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - على القصاص فعفوا وأخذوا الأرش.

فثناء الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليه شهادة بأن الرجل من عباد الله، وأن الله أبر قسمه، ولين له هذه القلوب، وكيف لا وهو الذي قال: بأنه يجد ريح الجنة دون أحد ولما استشهد وجد به بضعة وثمانون ما بين ضربة بسيف أو طعنة رمح، ولم يعرفه إلا أخته ببنانه (٢) وهي الربيّع هذه رضي الله عن الجميع وعنا معهم.

ويدل أيضا لهذا القسم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رُبَّ أشعثَ أغْبَرَ مدفوعٍ بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" (٣).

القسم الثالث: أن يكون الحامل له هو الإعجاب بالنفس وتحجُّر فضل الله عز وجل، وسوء الظن به تعالى، فهذا محرم، وهو وشيك بأن يحبط الله عمل هذا المقسم" (٤).


(١) أخرجه البخاري (٢٧٠٣)، ومسلم (١٦٧٥) عن أنس - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري (٢٨٠٥)، ومسلم (١٩٠٣).
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٢٢).
(٤) مجموع فتاوى ابن عثيمين ١٠/ ١٠٨٥، ١٠٨٦، ١٠٨٧. وانظر القول المفيد ط ١ - ٣/ ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>