للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يدخل الجنة رجل ... " فذكر الحديث وفيه أن الله تعالى قال للرجل: "إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر" (١) وذلك لأن القدر في هذا الحديث ذكرت لتقرير أمر واقع والأمر الواقع لا يكون إلا بعد المشيئة، وليس المراد بها ذكر الصفة المطلقة التي هي وصف الله تعالى أزلًا وأبدًا، ولذلك عبر عنها باسم الفاعل {قادر} دون الصفة المشبهة {قَدِيرٌ} وعلى هذا فإذا وقع أمر عظيم يستغربه المرء أو يستبعده فقيل له في تقريره إن الله على ما يشاء قادر فلا حرج في ذلك، وما زال الناس يعبرون بمثل هذا في مثل ذلك، فإذا وقع أمر عظيم يستغرب أو يستبعد قالوا قادر على ما يشاء، فيجب أن يعرف الفرق بين ذكر القدرة على أنها صفة لله تعالى فلا تقيد بالمشيئة، وبين ذكرها لتقرير أمر واقع مانع من تقييدها بالمشيئة لأن الواقع لا يقع إلا بالمشيئة، والقدرة هنا ذكرت لإثبات ذلك الواقع وتقرير وقوعه، والله سبحانه أعلم" (٢).

ويقول الشيخ بكر أبو زيد: "لكن هذا الإطلاق مقيد بأفعال معينة كهذا الحديث وكذلك في الآية {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} معلقة بالجمع وعليه فإن إطلاق هذا اللفظ له حالتان الأولى على وجه العموم فهذا ممتنع لثلاثة وجوه:

١ - لأن فيها تقييدا لما أطلقه الله.

٢ - لأنه موهم بأن ما لا يشاؤه لا يقدر عليه.

٣ - لأنه موح بمذهب القدرية.

والحالة الثانية على وجه التقييد كما ذكر" (٣).


(١) أخرجه مسلم (١٨٧).
(٢) مجموع فتاوى ابن عثيمين ٣/ ٨٣ - ٨٤، وانظر: للاستزادة في هذا البحث مجموع الفتاوى لابنِ تَيمِيَّةَ ١١/ ٤٨٨.
(٣) معجم المناهي اللفظية ص ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>