أحدهما: أننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين، وغوث المكروبين، ما يدل دلالة قاطعة على وجوده تعالى، قال الله تعالى:{وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ}[الأنبياء: ٧٦] وقال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}[الأنفال: ٩].
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن أعرابيًا دخل يوم الجمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه ودعا فثار السحاب أمثال الجبال فلم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته. وفي الجمعة الثانية قام ذلك الأعرابي أو غيره فقال: يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه وقال:"اللهم حواليْنا ولا عليْنا، فما يشير بيده إلى ناحية إلا انفرجت"(١).
وما زالت إجابة الداعين أمرًا مشهودًا إلى يومنا هذا لمن صدق اللجوء إلى الله تعالى وأتى بشرائط الإجابة.
الوجه الثاني: أن آيات الأنبياء التي تسمى "المعجزات" ويشاهدها الناس، أو يسمعون بها، برهان قاطع على وجود مرسلهم، وهو الله تعالى، لأنها أمور خارجة عن نطاق البشر، يجريها الله تعالى تأييدا لرسله ونصرا لهم.
مثال ذلك: آية موسى - صلى الله عليه وسلم - حين أمره الله تعالى أن يضرب بعصاه البحر، فضربه فانفلق اثني عشر طريقًا يابسًا، والماء بينهما كالجبال، قال الله تعالى:{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}[الشعراء: ٦٣].
ومثال ثان: آية عيسى - صلى الله عليه وسلم - حيث كان يحيي الموتى، ويخرجهم من قبورهم بإذن الله، قال الله تعالى عنه:{وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ}[آل عمران: ٤٩]، وقال: {وَإِذْ تُخْرِجُ