للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال رحمهُ اللهُ: "والداعي إلى البدعة مستحق العقوبة باتفاق المسلمين، وعقوبته تكون تارة بالقتل وتارة بما دونه كما قتل السلف جهم بن صفوان والجعد بن درهم وغيلان القدري وغيرهم، ولو قدر أنه لا يستحق العقوبة أو لا يمكن عقوبته فلا بد من بيان بدعته والتحذير منها فإن هذا من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر الله به ورسوله" (١).

وقال أيضًا: "وكذلك المبتدع الذي خرج عن بعض شريعة رسول الله وسنته واستحل دماء المسلمين المتمسكين بسنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وشريعته وأموالهم هو أولى بالمحاربة من الفاسق وإن اتخذ ذلك دينًا يتقرب به إلى الله كما أن اليهود والنصارى تتخذ محاربة المسلمين دينًا تتقرب به إلى الله؛ ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أن هذه البدع المغلظة شر من الذنوب التي يعتقد أصحابها أنها ذنوب وبذلك مضت سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث أمر بقتال الخوارج عن السنة وأمر بالصبر على جور الأئمة وظلمهم والصلاة خلفهم مع ذنوبهم وشهد لبعض المصرّين من أصحابه على بعض الذنوب أنه يحب الله ورسوله ونهى عن لعنته وأخبر عن ذي الخويصرة وأصحابه مع عبادتهم وورعهم أنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية" (٢).

وقال: "وأما الواحد المقدور عليه من الخوارج والرافضة فقد روى عنهما أعني عمر وعلي قتلهما أيضًا والفقهاء، وإن تنازعوا في قتل الواحد المقدور عليه من هؤلاء فلم يتنازعوا في وجوب قتالهم إذا كانوا ممتنعين، فإن القتال أوسع من القتل كما يقاتل الصائلون العداة والمعتدون البغاة وإن كان أحدهم إذا قُدر عليه لم يعاقب إلا بما أمر الله ورسوله به، وهذه النصوص المتواترة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في


(١) مجموع الفتاوى ٣٥/ ٤١٣ - ٤١٥.
(٢) مجموع الفتاوى ٢٨/ ٤٧٠، ٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>