للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال الإمام أبو محمد بن قدامة: ولا يجوز اتخاذ المساجد على القبور لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (١). يحذر ما صنعوا. ولأن تخصيص القبور بالصلاة عِنْدَها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها، وقد روينا أن ابتداء عبادة الأصنام تعظيم الأموات باتخاذ صورهم والتمسح بها والصلاة عِنْدَها.

وقال شيخ الإسلام: أما بناء المساجد على القبور فقد صرح عامة علماء الطوائف بالنهي عنه متابعة للأحاديث الصحيحة، وصرح أصحابنا وغيرهم من أصحاب مالك والشافعي، بتحريمه. قال: ولا ريب في القطع بتحريمه" (٢).

وقال ابنُ حَزْمٍ: "ولا يحل أن يبنى القبر، ولا أن يجصص، ولا أن يزاد على ترابه شيء ويهدم كل ذلك" (٣).

وقد ألف الشوكاني رحمهُ اللهُ كتابًا مستقلًا في ذلك وسماه شرح الصدور بتحريم رفع القبور ومما قال: "اعلم أنه قد اتفق الناس سابقهم ولاحقهم وأولهم وآخرهم من لدن الصحابة -رضي الله عنهم- إلى هذا الوقت أن رفع القبور والبناء عليها بدعة من البدع التي ثبت النهي عنها واشتد وعيد رسول الله لفاعلها" (٤).

وقال الشوكاني رحمهُ اللهُ: "والظاهر أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرم، وقد صرح بذلك أصحاب محمد، وجماعة الشافعي ومالك. قال: ومن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولا أوليا القبب والمشاهد على القبور، وأيضا هو من اتخاذ القبور مساجد، وقد لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- فاعل ذلك" (٥).


(١) أخرجه البخاري (١٣٩٠)، ومسلم، ١٩ - (٥٢٩).
(٢) تيسير العزيز الحميد ص ٣٣٣.
(٣) المحلى ٥/ ٣٣.
(٤) شرح الصدور بتحريم رفع القبور ص ٧.
(٥) نيل الأوطار ٤/ ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>