للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"رضيت بالله" (١) قال ابن القيم: "وهذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدين وإليهما ينتهي، وقد تضمنا الرضى بربوبيته سبحانه وألوهيته، والرضى برسوله والانقياد له، والرضى بدينه والتسليم له ومن اجتمعت له هذه الأربعة فهو الصديق حقًا. وهي سهلة بالدعوى واللسان، وهي من أصعب الأمور عند حقيقة الامتحان .. " (٢).

وقال: "وأما الرضى بنبيه رسولًا؛ فيتضمن كمال الانقياد له والتسليم المطلق إليه، بحيث يكون أولى به من نفسه فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع كلماته، ولا يحاكم إلا إليه، ولا يحكم عليه غيره، ولا يرضى بحكم غيره البتة ... " (٣).

وقال: "وأما الرضى بدينه؛ فإذا قال، أو حكم، أو أمر، أو نهى: رضي كل الرضى، ولم يبق في قلبه حرج من حكمه، وسلم له تسليمًا، ولو كان مخالفًا لمراد نفسه أو هواه، أو قول مقلده وشيخه وطائفته" (٤).

ولا بد مع الانقياد أن يتبرأ من الشرك والطاغوت والمتحاكم إلى غير شرع الله منقاد إلى الطاغوت لا إلى الله.

قال ابن القيم: "أخبر سبحانه أن من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول فقد حَكم الطاغوت وتحاكم إليه، والطاغوت: كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله" (٥).


(١) رواه مسلم: كتاب الصلاة. باب استحباب القول مثل قول المؤذن. ورقمه ٣٨٦.
(٢) مدارج السالكين ٢/ ١٧٢.
(٣) المصدر نفسه ٢/ ١٧٢ - ١٧٣.
(٤) مدارج السالكين ٣/ ١٧٣.
(٥) إعلام الموقعين ١/ ٥٠ ط. دار الفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>