للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالتداوي من الأسباب المباحة الجائزة فلا يقدح في التوكل مع الاعتماد على الله لا على السبب، وسيأتي مزيد بحث في باب (السبب).

والتداوي يكون بالرقى ويكون بالكي ويكون بالطبيب وبالعلاجات المعروفة، وبعض العلماء كره التداوي بالرقى والكي مستدلين بحديث السبعين ألفًا.

قال ابن حجر -رحمه الله- عند شرحه لهذا الحديث: "والغرض منه قوله: "هم الذي لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون" فتمسك بهذا الحديث من كره الرقى والكي من بين سائر الأدوية، وزعم أنهما قادحان في التوكل دون غيرهما" (١).

ثم ذكر الحافظ -رحمه الله- أجوبة العلماء عن ذلك، انظر ص ٢١١ وما بعدها.

والاسترقاء والاكتواء من الأسباب المكروهة وهما جائزان، لكنهما ينافيان تمام التوكل على الله.

ومن العلماء من قال: إن المراد بترك الرقى والكي الاعتماد على الله في دفع الداء والرضا بقدره، لا القدح في جواز ذلك؛ لثبوت وقوعه في الأحاديث الصحيحة وعن السلف الصالح لكن مقام الرضى والتسليم أعلى من تعاطي الأسباب، وهذا يفهم من كلام ابن الأثير -رحمه الله- حيث قال: "وأما الحديث الآخر في صفة أهل الجنة الذين يدخلونها بغير حساب "هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون" فهذا من صفة الأولياء المعرضين عن أسباب الدنيا الذين لا يلتفتون إلى شيء من علائقها ... ومن صبر على البلاء وانتظر الفرج من الله بالدعاء كان من جملة الخواص والأولياء، ومن لم يصبر رُخِّص له في الرقية والعلاج والدواء" (٢).


(١) فتح الباري ١٠/ ٢١١.
(٢) النهاية لابن الأثير (ر ق ى).

<<  <  ج: ص:  >  >>